القصيبة...حكاية اخرى


 كانت بداية القصيبة كتجمع حضري بعد أن توفر الكلأ للماشية  و للإحتماء من  ظروف الحياة  القاسية والبرد الشديد الذي يسود الجبال المجاورة
لكن تطور البلدة الى مكان معروف لم يبدأ إلا عندما اشتد ضغط القبائل السخمانية القادمة من اغبالة وتيزي نيسلى على سفوح الجبال المطلة على سهول ايت الربع وتادلة
كانت قصبة تادلة قد ُبنيت من قبل السلطان العلوي اسماعيل  لكن رغبة السخمانيين  في الاستفادة من أماكن الرعي إبان فصلي الخريف والشتاء مرورا بفج ايت ويرة ونزوعهم الى الحرب  وخشونة طباعهم وشدة عداءهم للقبائل المجاورة مع إثارتهم للفتن حتم على المخزن التفكير في إقامة قصبة لمراقبة تحركاتهم فكانت قصبة ايت ويرة التي سميت فيما بعد قصيبة
لكن في عهد الحسن الاول1873-1894 سيبرز قائد ذكي بشكل لافت  يجعل  المخزن يعينه قائدا عاما على تجمع ايت ايسري وهو تجمع قبائلي يضم  قبيلة ام البخت وايت ويرة وايت عبد اللولي وايت حسين هذا القائد هو موحى وسعيد واسو كان ذلك عشر سنوات قبل وفاة الحسن الاول اي سنة  1884.
عندما أصبحت الدول الاستعمارية تتربص بالمغرب للسيطرة عليه في بداية القر ن العشرين هب موحى وسعيد لتجنيد جيش من ايت ويرة  وأيت سخمان لمواجهة القوات الغازية لما تسللت من وجدة والدارالبيضاء سنة 1907
بعد ذلك ستتعرض القصيبة للتدمير من طرف كولونيل فرنسي مزهو بنفسه هو مانجان الذي لم يستسغ انهزام قواته امام موحى وسعيد فقرر الانتقام من القصيبة بان دمرها سنة 1913                                                                                    

وعندما توفي موحى وسعيد استطاعت فرنسا ان تضم

القصيبة إلى باقي المناطق التي استعمرتها وبدخول فرنسا هرب أغلب سكانها الى الجبال المجاورة لكن قوات الاحتلال تعقبتهم بالطائرات المقنبلة  والحروب النفسية بل أوقعت بالعديد منهم في معركة غير متكافئة بالمرة هي معركة تازيزاوت الرهيبة

شنت  فرنسا على الأهالي الأمازيغ المنتمين إلى أيت سخمان وطالبي اللجوء من أيت ويرة حرب إبادة شاملة جرت على إثرها الدماء أنهارا هي من  أوحت لكاتب مغربي رواية وادي الدماء المعروفة تم بدأ الفرنسيون ومن والاهم من العناصر الخائنة يعلقون رؤوس القصباويين أو الويراويين  على الاشجار ويشنوا علاوة على حرب الإبادة حرب دعاية

كلامية وان فرنسا أتت لانتشالهم من البؤس بالرغم من ان موحى وسعيد كان قد دشن بها سوقا ومحكمة والعديد من القصبات ولم يكن الناس يعيشون في بؤس كما اوهمتهم فرنسا الاستعمارية
استطاع علي بن موحى وسعيد ان يحل قائدا على القصيبة مدعوما من قبل الادارة الاستعمارية فواجه الكراهيةحيث اعتبره قومه خائنا لكنه كان يواجههم بكونه قد أنقذهم من بطش قوات همجية لا ترحم لكن بناصر اخ موحى وسعيد حمل مشعل المقاومة فالتحق بالجبال وبدا حربه ضد جنود الاحتلال
بعد الاستقلال بدأت القصيبة تعرف التهميش بالرغم من تاريخها   وتضحيات بعض من ابنائها في سبيل الحرية والسبادة
تحكي ابنة القصيبة ليلى ابو زيد  في كتابها رجوع الى الطفولة كيف عاشت البلدة في ظل استعمار غاشم وكيف تحول الحلم الوردي الى كابوس بعد الاستقلال
للإشارة فليلى ابو زيد روائية مغربية معروفة في المشرق العربي والولايات المتحدة ولدت بالقصيبة وكان ابوها من جنود المخازنية
ولا زال منزل عائلتها في حي العين  ودرست بالمدرسة الشرقية  واعدادية موحى وسعيد ...وصاحبة رواية عام الفيل والتي  ترجمت للألمانية.
http://www14.0zz0.com/2011/09/12/16/724567059.jpg

لنرجع الى بلدتنا القصيبة  لنقول انه مند حوالي ست سنوات يعني منذ 2003 بدأت الحياة تدب في القصيبة  فخلال التسعينيات من القرن الماضي كانت مهمشة بالفعل طرق غير معبدة يثناتر فيها الغبار والحصى كان الكهرباء ضعيفا وكأن الناس يستضيؤون بالشمع والماء احيانا اذا لم تستعمل محركا يعمل بالكهرباء لشفط الماء اليك لا ياتيك الماء ....  ونأمل أن يستمر العمل ويوقف لصوص المال العام الذين تشتهر بهم القصيبة  والمسؤولون الفاسدون وتفتح تحقيقات حول الأموال التي جنوها في زمن الغفلة وكيف تغسل هذه الاموال العفنة امام أعينهم وهم لا يحركون شيئا ..نأمل كذلك أن  تتوطن الحدائق والمتنزهات ومرافق اجتماعية وتشجيع الإستثمار وجلب المشاريع ذات النفع العام وتشييد مؤسسات تحارب الجهل والأمية والعقليات المتحجرة ودور الرعاية والتوعية والتنشيط وتشجيع العمل الجمعوي وتعبيد المزيد من الطرق ومحاربة دور البغاء التي تخرج أفواج اللقطاء والمنحرفين ....

ارتفعت السومة الكرائية مؤخرا بسبب هجوم جحافل من عمال معمل او شركة سوجر للاسمنت    وهي سومة تضاهي تلك المعروفة في وسط بني ملال اي في شارع الحنصالي وربما في الدارالبيضاء لذلك ساد الغلاء بلدة القصيبة لكن الناس يحسبون للفرنك ألف حساب هنا في هذه البلدة  لدى ينتظرون يوم السوق لشراء كل ما يحتاجونه وباثمان مناسبة
للذين لا يعرفون اين تقع القصيبة المغربية نقول انها  تقع وسط المغرب بالتحديد  بلدة  جبلية ذات ارتفاع يصل إلى 1200متر عن سطح البحر تقع  في الشمال الشرقي لبني ملال  وتبعد عنها ب 46 كلم  وهي بلدة صغيرة بلغ عدد سكانها سنة 2004  20 ألف نسمة
مناخها معتدل متوسطي اي انه حار نسبيا وجاف صيفا وبارد وممطر شتاءا وأعتبر أن أحسن ما فيها جوها الساحر خصوصا للذين يحبون الطقس البارد والإعتدال المناخي
اغلب سكانها بربر من القبيلة الكبرى صنهاجة  لكن الكل يتكلم اللهجة المغربية
بها باشوية وقيادة الدرك الملكي وجماعة حضرية ومركز القاضي المقيم وفرع للخزينة المالية و3 فروع لأبناك رئيسية ومكتبين للبريد وفندق  واحد ومتنزه وطني ومخيمات ومصطاف تاغبالوت   المعروف وطنيا  البلدة لا تدخل في أي مخطط سياحي وطني بالرغم من كونها منطقة ذات مؤهلات سياحية ...
بها 4 مدارس: المدرسة الشرقية, مدرسة أم المؤمنين, المدرسة الغربية, مدرسة أنس بن مالك, واعدادية: إعدادية موحى وسعيد  , وثانوية: الثانوية التأهيلة طارق بن زياد....
 http://www14.0zz0.com/2011/09/12/16/145837849.jpg


كل حقوق النص للأستاذ أحمد لعوينة- تمت بعد الإضافات من طرفي...

  موقع الأستاذ www.laouina.com
صور جوية للقصيبة بالأقمار الإصطناعية من موقعWikimapia

http://www14.0zz0.com/2011/09/12/16/392234318.jpg





السابق
هذا الموضوع هو الاقدم في المدونة
شكرا لك على التعليق